أصدقــــــــاء .. ولكن !
يبتسمون لكَ بسحرٍ ، فكأنهم دنيا تغري لاستعباد ، وكأنهم بحر ينادي لغرق ، وكأنهم غابة حسناء تسوقُ إلى ضياعٍ في عتمتها ، وكثافة أشجارها !
وتنقاد إليهم بحبّ ، بطيبة قلب ، تفتح كلّ مغلق ، تهبهم الروح والعقل ، وحبّة القلب ، وبثقة عمياء تستند عليهم ! وإذا بكَ تستند على جدارٍ هشّ لا يلبثُ إلا وينهار خلفك ! ويتساقط بثقل حجاره فوق رأسك ، لتفقد الوعي طويلاً ..
يتمزّق قلبك ، وتفقد كلّ معانٍ للإدراك ، سلاحك الذي كان معك أماناً وطمأنينة ، بات موجّهاً إليك ، يتربص بك ، يودّ قتلك بوحشية ، دون رأفة أو رحمة ..
تعودُ بك الذكريات إلى أيام صفوٍ كانت تجمعك بهم ..
كم أغروك بحلو الكلام ، وكم كنت أحمقاً حين صدّقتهم !
فتحوا أمامك ساحات من الودّ ، وقالوا هي لك ..
لتفاجأ بها ساحات معركة ، أوقعوك بها ، واستدرجوك ، لتكون ضحيتهم الجديدة !
ها أنت الآن تجلس فوق تلّ حطامك ، تلملم بقاياك ، تجمعُ رفاتك ..
ترى .. ماذا تبقّى لك الآن ؟ كرامتك أزهقت في فساد .. روحك تعكرت في معصية ، إيمانك غادرك مع أوّل خطوة في طريقهم ، وأنت لم تعد أنت !
فماذا يجدي فعله الآن بعد أن اكتشفت حقيقة غدرهم ؟
وأضعت نفسك في مدارج سبلهم ..
ابكِ إن شئت ضياعك ، وسقوطك ، وانحلالك ..
ولا تبكهم ..
أطلق ساقيك للريح ......... ابتعد أقصى ما تبتعده عنهم
امح أسمائهم من الذاكرة ، وقبلها من القلب ..
لا تعدها يوماً إليك .. وأيضاً لا تنسهم !
ستحتاج يوماً ذكرياتهم المرّة ، كي تعيدك إلى الصّواب ..
ستحتاج تجربة الألم مراراً ، كي تتوخى السلامة ، وتحافظ على معدنك
وتذكر قول الشاعر:
وإخوان حسبتهم دروعاً *** فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاماً صائبات *** فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوبٌ *** فقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي *** لقد صدقوا ولكن في فسادي